عدد الرسائل : 419العمر : 31الموقع : www.maroc.ba7r.org مشاركة العضو : ممثاز نقاط : 30780 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 12/08/2008 mehdi mehdi: mehdi
موضوع: معجزة خلق الإنسان ـ تكون العلقـة السبت نوفمبر 15, 2008 11:34 am
تستمر الخلايا بالانقسام فتكون مجموعات تشكل الخلايا البصرية الحساسة للضوء ،والخلايا العصبية الحساسة للألم واللذة وللحرارة والبرودة ،والخلايا السمعية في الأذن الحساسة للترددات الصوتية وللاهتزازات، وخلايا الجهاز الهضمي القادرة على هضم الأغذية ومجموعات كثيرة أخرى أيضاً .
وعند انتهاء الأسبوع الثالث للحمل تكون الخلايا المتكاثرة بفعل الانقسامات قد تحولت إلى قطعة من اللحم بقدر مضغة. وقد وصف هذا التحول في القرآن الكريم بأنه تحول من " علقة " إلى " مضغة " :
إن انتهاء المرحلة الأولى بتكون الطفل بهذه النتيجة يعد من اكتشافات السنوات الأخيرة، غير أن الله تعالى رب العالمين الذي أنزل القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه، قد أخبرنا بهذا الأمر قبل أن يكتشفه العلم بأربعة عشر قرناً من الزمان !
الجسم يبدأ بالتشكل :
تظهر حاجة الجنين ( الذي كان يقتصر عل أخذ الأغذية من دم أمه في الأيام الأولى ) إلى تكوين جهاز دوران الدم الخاص به لكي يقوم بتغذية جسمه وإرسال الأوكسجين إلى خلاياه، لذلك تبدأ مجموعة من الخلايا ـ بعد اتخاذها قراراً فجائياً بالتعاون معاً ـ بتكوين جهاز الدوران هذا . وهذا التصرف من قبل الخلايا يدل دلالة واضحة على أنها موجهة من الله تعالى القادر العليم .
في اليوم الثالث عشر من الحمل تجتمع مجموعة من الخلايا في منطقة في صدر الجنين لتكوين القلب. وتقوم هذه الخلايا في البداية بتكوين أنبوب على شكل حرف U، وبذلك تكون قد وضعت أساس القلب . ثم تبدأ خلايا أخرى تعد بالآلاف بصنع شبكة من الأوعية الدموية تغطي كل أجزاء جسم الجنين، وكأنها قد تلقت الأخبار التي تفيد بأن القلب قد بدأ تصنيعه .. وهكذا .. وبتراصّ هذه الخلايا بشكل واع، كل في مكانه الصحيح، بتم تكوين هذه الأوعية الدموية في اليوم الواحد والعشرين من الحمل، أي يكون جهاز الدوران حاضراً وجاهزاً لدوران الدم فيه . وفي اليوم الثاني والعشرين يدق القلب دقته الأولى، ثم يبدأ عمله المنظم بستين نبضة في الدقيقة [1]
وتكون التقلصات الأولى للقلب طولياً وتتحرك كموجة طولية، وعندما يتم تكوين القلب تصبح التقلصات في حجرات مختلفة وبشكل منظم .
لقد بدأ القلب بالنبض رغم أنه لا وجود للدم بعد . ولكن هناك خلايا أنيطت بها مهمة صنع الدم، وتقوم هذه الخلايا بهذا وكأنها قد علمت أن الجسم في حاجة إلى شيء اسمه " الدم " فنراها وقد انقلبت إلى خلايا دموية، ولا يلبث السائل الدموي أن يجري في العروق . وفي نهاية الأسبوع الرابع يكون القلب والعروق قد امتلأ بالدم . ولا شك أن تكّون القلب والدم ومنظومة الدورة الدموية عملية معجزة، فقبل أن توجد هذه الأعضاء ( أي قبل وجود القلب والدم والأوعية الدموية ) تقوم الخلايا ضمن خطة رائعة بالتوجه في الوقت المناسب تماماً إلى الأمكنة المناسبة لكل منها لتكوين منظومة الدورة الدموية التي لا يمكن للإنسان العيش دونها . ولا يمكن تحقق أي مرحلة من هذه المراحل بالمصادفات العمياء، كما لا يمكن أن يكون هذا المخطط الرائع أثراً من آثار هذه الخلايا التي نتجت عن انقسام خلية واحدة، وهنا تظهر أمامنا حقيقة الخلق مرة أخرى .
ولا يبهرنا تكون منظومة الدورة الدموية فقط، بل إن الخصائص التي يتصف بها كل عنصر من عناصر هذه المنظومة والموازنات الدقيقة الموجودة فيها يثير الإعجاب أيضاً أضغط على الصورة لتكبيرها
والدم الذي يجري في عروق الجنين النامي في بطن أمه يحمل ـ من أجل القيام بواجباته الأولى بكفائة ـ خواص متميزة لا توجد في دم الإنسان العادي . فمثلاً تكون قابلية هيموغلوبين دم الجنين في حمل مادة الأكسجين أكثر بكثير مما هي موجودة في دم الإنسان البالغ، كما أن عدد الكريات الحمر الموجودة في سنتمتر مكعب واحد من دم الجنين أكثر مما هو موجود في دم الطفل الوليد حديثاً . وفي الشهر الرابع يبلغ مقدار الدم المنتقل من خلال الحبل السري إلى المشيمة أربعة وعشرين لتراً في اليوم الواحد، كما أن الدورة الدموية سريعة إلى درجة أن الدورة الواحدة لا تستغرق إلا ثلاثين ثانية فقط [2]
وهكذا يكون الدم قد بدأ بنقل الأغذية والأوكسجين اللازم من المشيمة إلى الخلايا، وفي الوقت نفسه تكون الكليتان قد تكونتا فيبدأ الدم بنقل الفضلات التي جمعها من الخلايا إلى الكيتين للتصفية .
والآن لنقف لحظة ولنفكر : هل يمكن أن تظهر مثل هذه المنظومة الرائعة بالمصادفات في بوم من الأيام ؟ الدم الخاص للطفل الجنين، والأوعية الدموية التي تنقل هذا الدم إلى القلب ثم منه إلى الأماكن الأخرى، والروابط التي تربط هذه الأوعية الدموية بالمشيمة .. أيمكن أن تظهر كل هذه التراكيب والفصيلات ضمن شريط زمني وبعوامل المصادفات العشوائية ؟ أو هل من الممكن أن تقوم هذه التراكيب بإنشاء نفسها بنفسها ؟
يستحيل طبعاً، ومنظومة الدورة الدموية ( المهمة جداً للإنسان ) يجب أن تتكون وتتشكل في الوقت نفسه ودون أي نقص لأن أي خلل في تكوين القلب أو الدم أو الأوعية الدموية سيؤدي إلى توقف نمو الجنين فلو قام القلب بضخ الدم قبل تشكل الأوعية الدموية لساح الدم دون نظام ولم تتم الدورة الدموية، ولو لم يبدأ القلب بالعمل وبالنبض في الوقت المناسب لما توزع الدم في الجسم، وهذا يعني موت الجنين في رحم أمه قبل اكتمل نموه غير أن التعييرات في أجسام مليارات الناس الذين عاشوا حتى الآن عملت بكل دقة ودون خلل، حيث نَبَضَ القلب نبضته الأولى في الوقت المناسب تماماً ودفع المقدار المناسب من الدم إلى الجسم . وهذا يبين مدى عبث السؤال الذي طرحناه : " أيمكن أن يتكون جهاز الدورة الدموية مصادفة " ؟ ..
إن تكون منظومة أو كائن حي أو أي تركيب من التراكيب فجأة دليل واضح على أنها قد خلقت، وهذه حقيقة يتفق عليها كل صاحب عقل ولا يستطيع إنكارها .
إن الله تعالى هو خالق هذه المنظومات الرائعة وخالق الإنسان في أحسن تقويم ودون أي نقص .
بناء النظام العصبي :
وبينما تمضي هذه الفعاليات قدماً تظهر الحاجة إلى بنية جديدة، وهي النظام المركزي العصبي . ويبدأ تكوين هذا المركز العصبي بصنع ما يطلق عليه اسم القرص الجنيني في القسم العلوي بتكوين خطين متوازيين مع نتوءات هي بدايات الدماغ والحبل الشوكي، ويقوم القسم العلوي بتكوين تجويف، ثم تتصل أطراف الدماغ والحبل الشوكي، ويقوم القسم العلوي بتكوين تجويف، ثم تتصل أطراف التجويف وتلتصق مع بعضها البعض لتكون أنبوباص ضيقاً، ثم يغلظ القسم الأمامي من هذا الأنبوب ويتسع لتشكيل الدماغ، وفي الوقت نفسه يقوم القسم الخلفي بتكوين الحبل الشوكي .
إن هذه الحادثة التي لخصناها في جملة أو جملتين حادثة خارقة تتجاوز حدود الخيال الإنساني وتقوم المراحل الأخرى لتكوين النظام العصبي بتكرار العمليات الخارقة هذه وتكملتها .
واعتباراً من الأسبوع الخامس لتكوين الحبل الشوكي يبدأ إنتاج سريع لخلايا خاصة هي الخلايا العصبية وبمعدل خمسة آلاف خلية عصبية في الثانية الواحدة . وفي هذه المنطقة سيتكون الدماغ فيما بعد [3].
تتكون معظم خلايا الدماغ في الأشهر الخمسة الأولى من الحمل، وتتخذ كل خلية مكانها المرسوم لها في الدماغ قبل الولادة . وتبدأ هذه الخلايا العصبية المنتجة بسرعة كبيرة بالهجرة إلى مناطق بعيدة في الجسم لتكوين أذرع النظام العصبي المركزي .
غير أنه يجب على كل خلية عصبية أن تجد المكان المخصص لها بدقة، لذا تحتاج الخلايا العصبية الشابة حاجة ماسة لكي تجد طريقها إلى مرشد إلى دليل، وهؤلاء المرشدون عبارة عن خلايا خاصة تشبه الأسلاك تمتد في الساحة التي ينمو فيها الحبل الشوكي والدماغ ويتوسع . وتخرج الخلايا العصبية من أماكن صنعها وإنتاجها وتهاجر وهي ممسكة ومسترشدة بهذه الأسلاك، وعندما تصل إلى مكانها المخصص تدرك أن هذا هو مكانها الصحيح فتستقر فيه وتبدأ في الحال بتكوين امتدادات وأذرع للارتباط مع الخلايا العصبية الأخرى .
ولكن كيف تدرك هذه الخلايا العصبية حال تكونها أنها مقبلة على سفر كهذا السفر ؟ وكيف تدرك بأن عليها أن تستعين بالمرشدين لتجد أهدافها والأماكن المخصصة لها ؟.
وكيف تقرر شكل التعاون مع بعضها البعض ؟ فالخلايا العصبية هي ـ في نهاية المطاف ـ خلايا صغيرة لا ترى بالعين المجردة وتتكون من ذرات ومن جزيئات، ولذلك فليس في قدرتها معرفة الأماكن المخصصة لها عن وعي وشعور ولا اتخاذ قرار في هذا الأمر بنفسها، كما لا يستطيع الدماغ المركزي الذي يوجه هذه العملية إنجاز هذا الأمر لأن الدماغ غير متكون وغير متكامل بعد في الجنين الذي لا يزال في بطن أمه .
ما أن تتكون هذه الخلايا حتى تتوجه إلى أماكن لا تعرفها، وهي تتحرك في ظل المعلومات الملهمة لها وكأنها مبرمجة في حركتها هذه . ومن الواضح أن أي حادثة من الحوادث الجارية في أثناء تكون الدماغ والنظام العصبي لا يمكن أن تكون نتيجة مصادفات عمياء لأن أي انحراف في أي مرحلة من مراحل تكون هذا النظام العصبي يؤدي إلى خلل متسلسل في النظام بأكمله . إن إنتاج الخلايا العصبية ثم تحولها إلى شبكة عصبية ليست سوى مرحلة واحدة من مراحل تكون الدماغ والنظام العصبي المرتبط به، وخلافاً لإدّعاء التطورين فإن من المستحيل تكوين خلية عصبية واحدة عن طريق المصادفات، دع عنك تكون الدماغ بكامله .
أضغط على الصورة لتكبيرها
توجد تفصيلات كثيرة جداً في عمليات تكون النظام العصبي . فمثلاً تملك الخلايا العصبية عند بدء تكونها بنية مختلفة عن بنيتها عند إنسان بالغ، وعندما تهاجر هذه الخلايا إلى منطقة معينة من الجسم للقيام بالمهمات المتعلقة بالنظام العصبي في الجنين النامي فإنها تملك خواص القيام بالعمليات الحيوية دون وجود الأكسجين، غير انها فور وصولها إلى منطقة الدماغ واستقرارها فيها جيداً تتحول إلى خلايا تحتاج إلى الأكسجين للقيام بعملياتها الحيوية . ويجب أن يتم هذا التحول عند جميع الخلايا العصبية بشكل كامل وإلا فشلت هذه الخلايا في الاستمرار في حياتها، ولا شك أن هذه العملية عملية إعجازية كبيرة [4]
ونحن نعلم اليوم أن خلايا الدماغ إن بقيت مدة قصيرة بلا أكسجين فإنها تواجه خطراً شديداً ولو زادت هذه المدة قليلاً لكان المصير المحتوم هو الشلل أولاً ثم الموت ثانياً، غير أن الخلايا العصبية المتكونة حديثاً تملك نظاماً مختلفاً تمام الاختلاف . ولكن إن حدث خلل ولم تحدث عملية التغير في نمط عملياتها الحيوية هذه في اللحظة المناسبة لما تطور الجنين إلى إنسان كامل . ولا شك أنه من المستحيل قيام أي خلية بمعرفة وظائفها المستقبلية ثم قيامها ـ بإرادتها ووعيها وعلى ضوء هذه المعرفة ـ بتغيير بنيتها .
وفي هذه الحالة فإن الحقيقة التي تظهر أمامنا هي : إن الله تعالى هو الذي خلق هذه الخلايا العصبية ووهبها هذه الخصائص، وهو الذي يغيرها عند الحاجة ويهدي كل خلية للوصول إلى مكانها الصحيح الذي تستقر فيه . لذلك كان على إنسان أن يعرف أنه قد اجتاز جميع هذه المراحل وأن يحمد ربه على خلقه له هذا الخلق الكامل السوي وفي أحسن تقويم، وألا ينسى لحظة واحدة أن الله تعالى هو خالق كل شيء وأنها لا توجد قوة في الأرض ولا في السماء ولا بينهما سوى قوته وقدرته سبحانه وتعالى .
قال تعالى : (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) (الكهف:37).