مضت 8 أشهر على فك الحصار عن أسرة الفقيه المُقعد الذي احتجز زوجته وأولاده في غرفة مظلمة لمدة تنيف عن 14 سنة بسيدي قاسم، لكن الجراح النفسية للضحايا لم تندمل بعد رغم مرور هذه المدة. فما زال الأطفال والأم يحاولون بشق الأنفس التأقلم والاندماج في المجتمع ونسيان الآلام التي عايشوها طيلة فترة احتجازهم. "أخبار اليوم" عادت إلى مسرح الواقعة والتقت ضحايا ما بات يعرف بـ"قبر الحياة" لتنقل لكم آخر مستجداتهم من خلال هذا الربورطاج.
داخل سيارة الأجرة التي استقلتها صوب حي "الكوش" كانت راكبتان تتبادلان مع السائق أطراف الحديث عن الغلاء وعن مشاكل هذا الزمن، فجأة قاطعت الجميع وبادرت سائق التاكسي بالسؤال عن مسكن عائلة لمريس التي كانت محتجزة.. ولم أكد أكمل كلامي حتى أومأ لي برأسه بأنه يعرف المكان المقصود. إحدى المرأتين تدخلت لتسأل عن مصير المتهمين (الفقيه والحاج) وهل صدر في حقهما الحكم أم ليس بعد، لتجيبها صاحبتها بأن الحكم لم يصدر في حقهما بعد.
"هادوك خاصهوم يتعاقبو على الفعايل لي عملو لدوك الاولاد مساكن.."، قال السائق بلهجة صارمة، ثم أضاف: "بقاو فيا غير هادوك الدراري مساكن.. دازت عليهم محنة كبيرة بزاف". وهنا تدخلت إحدى المرأتين قائلة: "سمعت بلي شي محسن شرا ليهم الدار لي ساكنين فيها"....
لفظتني سيارة الأجرة قبالة بائعي منتجات الفخار بمدخل حي "الكوش" الهامشي، فتوجهت يسارا في الاتجاه الذي أملاه عليّ السائق، بينما انعطفت التاكسي بالسيدتين الأخريين يمينا حيث عبرت بهما الجسر الذي يؤدي إلى حي "الزاوية".
أزقة حي الكوش العشوائية كلها عقبات مليئة بالأخاديد والأوحال لكنها تعج بالناس من مختلف الفئات العمرية. أطفال يلعبون مفترشين الأرض، وتلاميذ عائدون من المدارس يتراكضون في اتجاه بيوتهم. شباب هنا وهناك يسندون ظهورهم للحيطان دون هدف. نساء مجتمعات أمام بيوتهن وشيوخ يقتلون الوقت في لعب "ضاما"...
عندما استفسرت أحد الشبان عن البيت لم ينتظر أن أتمم كلامي، فبمجرد ما ذكرت على لساني كلمة "احتجاز" حتى قاطعني قائلا: "آآآه كتقصد قبر الحياة؟ أجي تبعني نوريك الدار".
طرقت 3 مرات باب المنزل الذي أرشدني إليه الشاب لكن أحدا لم يجب. منزل من طابقين منفتح على واجهتين ومطلي بلون أصفر. إحدى الجارات أشارت عليّ بأن أطرق الباب بقوة لكي تسمعني "مولات الدار" التي توجد فوق السطح، لكن عبثا حاولت، فما كان من الجارة إلا أن أرشدتني إلى دكان زوج أخت "مولات الدار" الكائن في نفس المنطقة.
جراح وآلام
بخطوات متثاقلة وأجساد هزيلة أثقل كاهلها المرض يجوب كل من عبد الرزاق (16 سنة)، نادية (12 سنة) وزكرياء (8 سنوات) أزقة حي "الكوش"، مقاومين نظرات الناس التي تتعقبهم أينما حلوا وهم يتنقلون بين مسكني خالتيهم (المحجوبة وإلهام) وبين المنزل الذي أنعم به عليهم أحد المحسنين عقب تفجر قصتهم المأساة.
الآلام النفسية التي يتخبط فيها ضحايا الأب الذي استباح ضعف زوجته وفلذات كبده تسببت في تشتت شملهم، أمام غياب الإمكانيات الكفيلة بمعالجتهم نفسيا ومساعدتهم على تجاوز الصدمة التي لم يستيقظوا منها بعد.
أما الأم نجاة (46 سنة) فإنها لا تزال تعيش ظروفا نفسية عصيبة، إلى درجة أنها لا تقوى على الكلام ولا تكاد تبرح بيتها قط. فبعدما غادرت ابنتها البكر سناء (17 سنة) لتقيم مع إحدى خالاتها بمدينة طنجة صارت نجاة تقضي جل أوقاتها وحيدة فوق سطح بيتها، ثم تأوي إلى جراحها في صمت مطبق تتأمل بحرقة دفينة فلذات كبدها الذين ضاعت براءتهم على يد والدهم.
"حالتهم النفسية مأزمة بزاف.. مزال ماتجاوزو الصدمة لأنهم ماتلقاوش العلاج النفسي.."، الكلام لزوج خالة الأطفال، علي زويتين، الذي تكلف، إلى جانب الخالات، برعاية هؤلاء الضحايا ماديا ومعنويا سعيا منه إلى مساعدتهم على تجاوز محنتهم.
يمسك علي رأسه بكلتا يديه معبرا عن ألمه لما صارت إليه أوضاع هؤلاء الأطفال الأبرياء. "لقد حرموا من متابعة علاجهم لدى الطبيب النفساني بالمستشفى العمومي، بسبب الزحام وتباعد المواعيد، فلم يقضوا فيه سوى يومين فقط غداة فك الحصار عنهم"، يؤكد نفس المتحدث.
.
البحث عن مورد رزق
أمام الفقر المدقع الذي تتخبط فيه هذه الأسرة، صار لزاما على الأقارب من الأخوات وكذلك زوج الأخت التكفل بمؤونة هؤلاء النفوس في الوقت الراهن. ومن أجل توفير مورد رزق لهم يعتزم الأقارب إصلاح الطابق الأرضي من الدار التي تسكن بها نجاة وأولادها، بغرض كرائها لضمان مدخول شهري قار يقضون به حوائجهم.
بمعية زوج أخت نجاة، ولجت الدار بعد عناء شديد بدله علي وهو يصرخ مناديا عليها لتنزل وتفتح لنا الباب. وجهها الشاحب وفمها الأفرم وجسدها الهزيل.. تعطي الانطباع للناظر إليها بأنها تتجاوز عمرها الحقيقي بكثير.
المنزل من الداخل لا يزال في طور البناء والتبليط. اشتكى علي كثيرا من جشع المْعلمين و"البلومبي" و"التريسيان" الذين بدؤوا أشغالهم ثم انصرفوا دون أن يتموها بسبب نفاد الأموال...
بالطابق الثاني حيث تقطن الأسرة توجد بعض الأواني وأثاث قليل موزع على مساحة شاسعة. في المطبخ، تتراءى بعض الأواني الضرورية مركونة فوق طاولة المطبخ. لكن علي أوضح أن نجاة لا تقوم بطهي الطعام وإنما تنتظر إحدى أخواتها لتعده بنفسها أو تأتيها به من بيتها، والسبب، حسبه، هو أن مدة الاحتجاز التي قضتها في بيتها المظلم حرمتها من إتقان الكثير من الأمور، من بينها الطهي.
وفي نفس السياق، قال المتحدث إن هاته الأم ومعها أولادها لم يستطيعوا بعد الإقلاع عن عدة عادات سيئة كانوا قد جُبلوا عليها خلال فترة احتجازهم، مثل استخدام العنف والنطق بالكلام البذيء وعدة سلوكات أخرى ما زالت في نظرهم سليمة لكونهم جُبلوا عليها منذ ولادتهم...
أصل المأساة أمام دكانه الصغير، جلس علي يسرد محنة أخت زوجته وأولادها الأربعة الذين لم يألفوا بعد العيش كما جميع الناس، بسبب والدهم الذي أجبرهم على العيش في ظروف لا إنسانية. يحكي أن الأب م-لمريس (51 سنة)، وهو شخص مقعد معروف بتردده على مقابر المدينة لتلاوة القرآن على قبور الموتى مقابل ما يجود به زوار هذه المقابر، كان يعقد جلسات سكر في بيته رفقة أحد أصدقائه، وهو رجل متقاعد عمره 61 سنة ويُعرف بلقب "الحاج"، وكانا كلما دخلا البيت ليلا إلا وشرع الأب في إيقاظ أبنائه بعنف ليخدموهما ويؤثثوا أجواء جلسته الخاصة على طاولة الخمر.. أكثر من ذلك، يضيف علي، كان يطلب من ابنته البكر سناء وشقيقها عبد الرزاق أن يشربا معهما ويدخنا السجائر والكيف والحشيش.. وعندما يبلغون مرحلة الانتشاء الكامل لا يتوانى في تقديمهما كقربانين إلى صديقه "الحاج" الذي يختلي بهما في إحدى الغرف بعد أن ينصرف هو إلى النوم تاركا له المجال ليفعل بالصبي والفتاة ما تمليه عليه شهواته.
السجّان
ينهض علي ويدخل حانوته ليخدم زبائنه ثم يعود ويسترسل في الحديث عن أفعال "الفقيه" و"الحاج" اللذين لم يكن يجمعهما سوى جلسات الخمر. يقول إن "الحاج" وعد صديقه "الفقيه" بخطبة سناء لأحد ولديه، كما وعده بأنه سيبني له بيتا لائقا مكان تلك الخربة التي كانا يعقدان فيها السهرات.. لكنه لم يكن صادقا في وعوده، يضيف علي موضحا، وإنما كان هدفه فقط توفير مكان آمن ومجاني يعاقر فيه الخمر ويفرغ فيه مكبوتاته.
ويغوص علي في الماضي ليكشف أن سلوك الفقيه تبدل مع زوجته نجاة (46 سنة)، التي تجمعها به أواصر قرابة، حيث بدأ يمنعها من الخروج أو زيارة أهلها أو حتى استقبالهم في غيابه، فكان يقفل عليها وعلى أبنائها باب البيت بالمفتاح تاركا إياهم في ركن ضيق من البيت الطيني الذي لا ماء فيه ولا كهرباء.
ويرى علي أن "الفقيه" بسلوكه ذاك حرم أبناءه من الدراسة والتمتع بطفولتهم، حيث قال بلهجة يغلب عليها التحسر: "حتى الابن عبد الرزاق، الذي كان متفوقا في مراحله التعليمية الأولى، انقطع بأمر من والده عن الدراسة من مستوى الأولى إعدادي، وعوضها بدفع كرسي والده المتحرك نحو المقبرة".
ويضيف أن "أخوات نجاة يضطررن إلى عبور السكة الحديدية مشيا على الأقدام للوصول إلى بيت أختهن بحي الزاوية "باب الولجة". وإذا ما صادفن الأب غائبا فإنهن يجدن أنفسهن مجبرات على الانتظار بمحاذاة السكة إلى أن يحضر فيفتح الباب لهن، لكنه لا يسمح لهن بالدخول بل يقف إلى جانبهن مثلما يفعل حراس السجن مع الزوار، وعندما يمنحن أختهن بعض الطعام واللباس يطلب منهن "السجان" المغادرة حتى لا يصطدمن بالقطار".
ويستطرد علي قائلا: "بعد انصرافهن، يشرع في حرق اللباس وإبعاد الطعام عن الزوجة والأولاد حتى يدمر أصول أي ارتباط بين أبنائه وعائلة والدتهم، مرددا قوله: عاد طفات عليهوم الشمعة.. عاد جايّين يشوفوكوم.."
وإلى جانب تفننه في تعذيب ضحاياه نفسيا، يضيف المتحدث، لم يكن "الفقيه" يتوانى عن ضربهم ومعاقبتهم على أبسط الأشياء، بل وكان يطلق عليهم ألقابا ماجنة ويتلذذ في تحريض أبنائه بعضهم على بعض. كما كان يعاملهم وكأنهم حيوانات لا يحتاجون إلى النظافة ولا إلى الغسل، بل لم يكن يحضر من الماء سوى قنينتين اثنتين كل يوم، يستعملان للشرب فقط، أما الطهي فلم تكن النار تشتعل في بيتهم بل كانوا يقتاتون فقط على ما يحضره لهم من "سندويتشات".
وحسب نفس المتحدث فإن الطفلة نادية، ذات الـ12ربيعا لم تنج هي الأخرى من حماقات "الحاج"، حيث أثبت الفحص الطبي أنها تعرضت هي أيضا لمحاولة الاغتصاب، كل هذا والأم محتجزة في غرفة مظلمة ويكون مصيرها الضرب حد كسر العظام كلما نبست ببنت شفة.
الهروب الكبير انقشاع الكربة عن الأم وأبنائها المحتجزين كان بفضل الابن عبد الرزاق. إذ أرسله والده ليقضي له سخرة. فلما عجز عن ذلك، خاف الصبي من بطش أبيه ولم يقو على العودة إلى "جحر" العائلة، فبقي يطوف في شوارع المدينة. عبد الرزاق كان الوحيد الذي يخرج من البيت، حيث يرافق والده إلى المقبرة، وقادته رحلة المشي الطويلة إلى شخص أرشده إلى دكان زوج خالته علي. يقول هذا الأخير واصفا ذلك اليوم: "طرق عبد الرزاق باب بيتنا في الحادية عشرة ليلا.. كان في حالة يرثى لها.. قدماه تشققتا من كثرة المشي.. والجوع قطع أمعاءه...دخل إلى البيت وبدأ يحكي لنا ما يعيشه رفقة إخوته ووالدتهم". ويضيف: "صعقنا لما سمعناه واتصلنا بشقيقة الأم محجوبة وبدأنا نفكر في ما سنفعل".
وفي اليوم الموالي، الذي صادف يوم الاثنين 6 أبريل 2009 وجهت العائلة شكاية مجهولة إلى السلطات، مفادها أن هناك شخصا بحي الزاوية "باب الولجة" يحتجز زوجته وأبناءه الأربعة لمدة تزيد عن 10 سنوات. وأن من بين الأبناء بنت قاصر حامل نتيجة علاقة غير شرعية مع أحد أصدقاء الأب الذي اعتاد استقباله في المنزل.
وتوجه عناصر الأمن إلى عين المكان، حيث تم إلقاء القبض على المعني الذي اعترف بكل ما نسب إليه بدم بارد. بعدها عاين مسئولو الأمن المنزل الذي كان يحتجز فيه زوجته وأبناءه الأربعة، وهو عبارة عن سكن متواضع من الطين والقصب وسط تجمع سكني تم هدم أغلبية الدور فيه، في إطار محاربة السكن غير اللائق والقضاء على دور الصفيح، حيث فتحوا الأقفال فوجدوا الزوجة وبرفقتها أطفالها محتجزين داخل غرفة صغيرة مظلمة، ليتم نقل الجميع إلى المستشفى الإقليمي بسيدي قاسم من أجل تلقي العلاجات الضرورية التي تستلزمها حالة كل واحد منهم، ليتبيّن أن الزوجة مصابة بكسر في يدها نتيجة اعتداء من طرف الزوج، بينما البنت حامل في شهرها السابع نتيجة اغتصابها من طرف صديق والدها ونديمه في جلسات الخمر، كما أكدت الفحوصات الطبية أن الابن البالغ من العمر 14 سنة هو الآخر تعرض لهتك عرض متكرر أكد في شأنه أنه كان ضحية سلوكات منحرفة للحاج (ب – ج).
وقد أحيل الظنينان على المحكمة الابتدائية بسيدي قاسم التي أحالتهما بدورها على محكمة الاستئناف بالقنيطرة لجسامة الأفعال المنسوبة إليهما، حيث يتابعان بتهم "اغتصاب قاصر دون 18 بالعنف نتج عنه افتضاض بكارة وحمل، وهتك عرض قاصر بالعنف والضرب والجرح العمد في حق الزوجة نتج عنه كسر والاحتجاز وتحريض قاصر على البغاء من طرف أحد الأصول".
وفيما نصب "الحاج"، المتهم بهتك عرض قاصر بالعنف المفضي إلى حمل، محامية لتدافع عنه في هذه القضية، لا تزال الأطراف المشتكية (الأم وأبناؤها) لم توكل محاميا ينوب عنها بسبب قلة ذات اليد. وفي هذا الصدد، تلتمس عائلة الضحايا من فعاليات المجتمع المدني والحقوقي تبني قضية هؤلاء الأطفال ومؤازرتهم أمام القضاء حتى لا تضيع حقوقهم.
عبد الرزاق: "بغيتكم تعاونوني باش نقرا ونخدم على خوتي وامي"
فجأة توقف علي عن السرد عندما أبصر عبد الرزاق قادما نحوه بخطى بطيئة. بادره علي بالسؤال عن حالته الصحية، فأجاب الصبي بصوت خافت يكاد يكون همسا: "شويا".
أطرق زوج الخالة رأسه ثم مط شفتيه معبرا عن تحسره لما آلت إليه حالة هؤلاء الأولاد. قال: "مساكن.. كلهم مراض ومعندنا باش نشريو ليهوم الدوا". في ذات اللحظة مرت من أمام الدكان الطفلة نادية وأخوها زكرياء وهما عائدان من المدرسة.
ملامح المرض بادية للعيان على وجهيهما. نادية لم تستطع إجابة زوج خالتها عندما سألها عن حالتها الصحية، فوضعت يدها على حلقها وأخرجت صوتا مبحوحا: "مريضة بالحلاقم".
حينما سألته عن البنت البكر سناء، أجاب: "مسكينة ولدات بنية وسماتها فاطمة الزهراء، ولكن عاشت عشرين يوم وماتت، وهكذا تصدمات وبقا فيها الحال، داكشي علاش رسلناها عند خالتها في طنجة باش تبدل الجو.. وراها دابا خدامة.."
واسترسل علي في الحديث قائلا: "حالة عبد الرزاق هي الواعرة بزاف. لأن خوتو الصغار كيقراو.. ولكن هو مازال كيعاني حيث مبلي بالشراب والكارو والحشيش والشقوفا بسبب بّاه.. وبعض المرات كيهرب من الدار وكيديع باش يقلب على ما يكمي وكيخلينا حنا كنقلبو عليه في الزناقي.."
وعبر المتحدث عن تخوفه من أن تنعكس السلوكات العدوانية التي عاشها عبد الرزاق عليه سلبا فيحاول وضع حد لحياته أو القيام بأية حماقة، مشيرا إلى أن هذا الصبي يفقد صوابه أحيانا ويبدأ في التهديد بالانتحار أو يتوعد بالانتقام من والده ومن "الحاج" الذي اغتصب طفولته وانتهك عرضه.
وتحسر زوج الخالة على الوضع الذي يعيشه عبد الرزاق بسبب قساوة المجتمع الذي يحيط به، حيث قال إنه لو وجد من يأخذ بيده لتجاوز هذه المحنة وقطع أية صلة بذكريات الماضي الأسود الذي فتح عينيه عليه، وأوضح أنه حاول الاتصال بعدد من الجمعيات المهتمة بالطفولة، خارج سيدي قاسم، وطلب منها الأخذ بيد عبد الرزاق لمساعدته على الإدماج لكنها لم تستجب بعد.
وبصعوبة بالغة، نطق عبد الرزاق وقال معبرا عن أمله في الجمعيات والمحسنين: "بغيتهوم يعاونوني باش نقرا ونخدم على خوتي وأمي"، قال ذلك ثم أطرق رأسه وواصل سيره في اتجاه بيته بنفس الخطى البطيئة التي جاء بها