دعوة للتضامن..فهل تلبي النداء ..؟؟؟

كثرة الهم كتضحك..قاعدة صارت راسخة بعدما كانت مثلا شعبيا..لقد رددته الألسن قديما وحديثا ولم أكن أتصور أن يتحقق في حياتي وأن أراه بأم عيني أمامي ..ذلك أن الهموم حين تنوي مهاجمة شخص ما فإنها تتواصى بوقت واحد وتترصد له في نفس الدرب وتهوي عليه بضربة رجل واحد ..وهذا مضمون كتابتي الليلة بحيث قررت أخيرا وبعد طول تحمل أن تشاركونني بعضا من الضحكات أو إن شئتم بعض الصدمات والكدمات .. أظنكم سمعتم عن مأساة القضاء في عالمنا العربي ..سمعتم عن أحكام ضد صحفيين كل ذنبهم أنهم تسلحوا وتدربوا ـ ليس في معسكرات القاعدة ـ لا وإنما في مدارس حكومية وفي ميادين مسموح فيها بالحوار والرأي والرأي الآخر والنقاش والحجج ..سمعتم عن مأساة ابراهيم عيسى وأحمد منصور ووائل الأبراشي وغيرهم من المصريين الكثير..وسمعتم عن المرابط والجامعي وغيرهم من المغاربة الكثير ..وأخيرا رشيد نيني صاحب جريدة المساء ..والتي حققت في زمن قياسي أعلى رقم مبيعات في المغرب وأضحت جريدة المغاربة الأولى بفضل مهنيتها العالية وجرأتها الموضوعية ومصداقيتها الملحوظة ..واعذروني أن أعود بكم قليلا إلى قضية ابراهيم عيسى وهو بالمناسبة من أبرز الصحفيين المشهود لهم بالمهنية والنزاهة والاستقامة والكفاءة والحمولة الأدبية والفكرية ..تمت متابعته قضائيا أمام عدة محاكم لمجرد أنه أثار موضوع صحة القيادة السياسية بعد ظهور بعض أعراض الشيخوخة عليها..والكل لاحظ حين أصيب الرئيس بالإغماء تحت قبة البرلمان المصري ..خاصة وأن الدستور المصري ينص في أحد بنوده على أن للرئيس نائب يخلفه في حالة الغياب ..وبالمناسبة ـ أنا هنا لست في معرض الهجوم على نظام معين أبدا والله ـ فأنا أتفهم ضرورات الأنظمة ومتطلبات المراحل ، ولكني أتساءل فقط عن مشروعية تزييف الحقائق وتسمية الأمور بغير أسمائها ولي عنق المعطيات لتساير أهواء أصحاب المصالح الضيقة المنزعجين من مثل هذه الأصوات الصادقة والتي تتحرك بدافع الوطنية لا غير ..هل بإثارة مثل هذه المواضيع أو الطابوهات سيتأثر أمن الدولة ؟ وهل سيتزعزع الاستقرار وسيتأثر الاستثمار وستثار البلابل والقلاقل التي من شأنها أن تؤدي لفوضى عارمة ؟ ..أبدا بالعكس ، كان يمكن استثمار أعمال هؤلاء الشرفاء لتحسين صورة البلد المشوهة في الخارج ..كان يمكن استغلالها لإسكات أصوات المنظمات الحقوقية المنتقدة للوضع الداخلي ولتكذيب الأرقام المرتفعة لضحايا انتهاكات حقوق الانسان ..المهم تم تدارك الأمر في الوقت المستقطع وأصدر الرئيس عفوا رئاسيا عن الصحفي ..في حين يبقى العديد من الصحفيين من رواد المحاكم ومكاتب المحامين ودهاليز النيابة العامة وإلى أجل غير مسمى ..
أعود بكم لقضية رشيد نيني ..هذا الصحفي الشاب الذي كافح مثله مثل أي شاب مغربي درس ومر بالجامعة وحين صدت كل الأبواب بوجهه غامر برحلة على أحد قوارب الموت وحط الرحال بإسبانيا حيث رآى بأم عينيه كيف يعامل البشر إخوانهم البشر حتى ولو لم يكونوا من أبناء جلدتهم ..لذلك عاد إلى أرض الوطن تحذوه رغبة جامحة في النهوض بهذا الوطن وفي مجال تخصصه ..فحمل القلم وراح يفضح الفساد المستشري في هذا المجتمع ..لكنه سرعان ما اصطدم بلوبيات المصالح الضيقة ..حيث حاربوه بالقلم المأجور تارة وبالمكائد تارة أخرى ..وحين فشلت كل المحاولات نزعوا نحو التهديد بالسلاح الأبيض حيث تعرض لمحاولة اعتداء آثمة جرح خلالها وسرق فيها هاتفه المحمول وحاسوبه أيضا وما حوته جيوبه ..و لم تُجْدِ المحاولة نفعا هي أيضا ..فكان لابدا من الإجهاز على المشروع برمته ..تابعوه في المحاكم وحكموا عليه بغرامة ثقيلة في قضية لا تستحق أصلا أن تسمى قضية وحجزوا على رصيده البنكي الهزيل.. لكن المضحك في هذا كله هو التبريرات والقراءات الرسمية للوقائع ..هي فقط من يخفف عنا..المهم لا زلنا نعيش على آثار الصدمة ..وما أكثر الصدمات في زماننا ..فبعد محاصرة الديموقراطية في غزة ..وذبح الأطفال في العراق ..واستباحة الأعراس من السماء في أفغانستان ..وغلاء الأسعار في باقي الأوطان ..والمحاكمات الصورية للمستضعفين فقط أما أصحاب القربى والنسب فلا يجرؤ أحد على فتح فمه أمامه ..آه ..يكاد المرء ينفجر دماغه قبل صدره من شدة الضغط ..أما زلت تسأل مثلي ماذا بعد ؟ انظر حولك ..ها هي الفيضانات والأعاصير والرياح وهاهي الأزمة المالية العالمية ..وما خفي كان أعظم ..إننا ننتظر ..فما خسف الله بقوم إلا بظلمهم ..وما مكر قوم بقوم إلا مكر الله بهم ..قال سبحانه : ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ..صدق الله العظيم .